ذات مساءٍ منذ ثلاثة أشهرٍ تقريباً ، وبينما كنت في منزلي استمع إلى شريط توبة عاصٍ للشيخ عائض القرني ، إذ أرسل إليّ إمام مسجدنا فضيلة الشيخ أبو مصعب الجهلاوي حفظه الله ، رسولاً يطلبني لأمرٍ جلل وخطبٍ عظيم ، فما كان مني إلا أن البي نداءهُ على الفور ، فتدثرت بإزارٍ كان بجانبي وذهبت إليه في داره الملاصق للمسجد .
وجدته حفظه الله جالساً كالأسد في عرينه ، يفتل في لحيته الكثة ، وبعض الماء يقطر من شعره فعلمت أنه قد فرغ من الجماع مع زوجته الجديدة لساعته ، فسلّمت عليه وقبّلت رأسه تسعاً وتسعين قبلةً وواحدةً أُخرى وكنت على عجل .
رد السلام حفظه الله وأشار بيده اليمنى يطلب مني الجلوس أمامه ، وسألني بصوتٍ هامس عن إمكانية تمويله قرضاً حسناً من المصرف التجاري الذي اعمل فيه بمبلغ ألف ألفٍ من الريالات لغرض استكمال تشطيب البرج الذي يمتلكه ويجري بناؤهُ على قطعة ارض مُنحت له سابقاً ، وتم تطبيقها له في الشارع الرئيسي لحيّنا من بعض أهل الصلاح في كتابة العدل وأمانة البلدية ، وكانت في الأساس حديقةً عامةً مهجورةً لا ماء فيها ولا زرع فحكمها حكم الأرض البور الموات فمن أحياها فهي لهُ.
قلت للشيخ : فداك نفسي يافضيلة الشيخ ، ولكن مصارفنا لا تراعي في المؤمنين والمواطنين إلاً ولا ذمةً ، وهمّهم الوحيد تحقيق الأرباح على حساب الارواح ، فيأكلون أموال الناس بالباطل بفرض العمولات والمصاريف الإدارية العالية عليهم والتي تثقل كاهلهم بما لا يطيقون ، وتجعلهم أسرى للقروض والديون ، ولا حول ولا قوة إلا بالله .
قلت للشيخ : فداك نفسي يافضيلة الشيخ ، ولكن مصارفنا لا تراعي في المؤمنين والمواطنين إلاً ولا ذمةً ، وهمّهم الوحيد تحقيق الأرباح على حساب الارواح ، فيأكلون أموال الناس بالباطل بفرض العمولات والمصاريف الإدارية العالية عليهم والتي تثقل كاهلهم بما لا يطيقون ، وتجعلهم أسرى للقروض والديون ، ولا حول ولا قوة إلا بالله .
حزن الشيخ حفظه الله حزناً شديداً ، وبكى حتى أنّي رأيت دموعه تنزل إلى خديه وتختلط بماء انفه ، فأنخر وأنشج وشهق وزفر ، وحرّك رأسه مستنكراً ورفع يديه المباركتين إلى السماء وقال : اللهم لا تجعل الدنيا اكبر همنّا ولا مبلغ علمنا ، اللهم عليك بهذه المصارف الربوية فإنهم لا يعجزونك ، اللهم فأفلسهم تفليساً ، واجعل خزائنهم غنيمةً لنا وللفقراء والمساكين من أمثالنا. وتركته حفظه الله وهو بهذه الحالة من الحزن الشديد.
لم استطع النوم في تلك الليلة وأنا أفكر في مشكلة إمام مسجدنا حتى أذّن المؤذن لصلاة الفجر ، فتوضأت وذهبت إلى المسجد باكراً ، فوجدت شيخنا يصلي صلاة السنة كعادته ، وبعدما فرغ قلت له : لعلك ياشيخنا تحدث جارنا اللبناني أبو العبد في الأمر ، فوالله إن هؤلاء القوم اللبنانيين لذوي فطنةٍ وذكاء ، ومراوغةٍ ودهاء ، واني أرى في جارنا المذكور التُقى والصلاح ، وامثاله قد فروّ بدينهم إلى ارض الحرمين وبلاد التوحيد بعد أن تكالبت عليهم القوى الاستعمارية من بعثيين وشيوعيين ، وعلمانيين وامبرياليين ، وشيعة ومسيحيين !! لعنة الله عليهم أجمعين .
وافقني الشيخ حفظه الله في ذلك فأقام الصلاة وأنهاها على عجل حيث قرأ سورة الكوثر في الركعة الأولى ، وسورة الإخلاص في الركعة الثانية ، ثم سلّم والتفت إليّ وقال : قم يارعاك الله نذهب إلى جارك اللبناني نحدثه في الأمر ، فخير البر عاجله ، وإذا عزمت فتوكل على الله.
طرقنا باب جارنا اللبناني أبو العبد ففتحت لنا زوجته السافرة وهي تضع منديلاً على رأسها ، وتلبس بيجاما قطنية حمراء كُنت قد رأيت مثلها تُباع في محلات لاسينزا في عزيز مول ، فرحبّت بنا وأدخلتنا ، ثم أيقظت زوجها الذي جاءنا مذعوراً خائفاً لعدم حضوره صلاة الفجر في المسجد .
لم استطع النوم في تلك الليلة وأنا أفكر في مشكلة إمام مسجدنا حتى أذّن المؤذن لصلاة الفجر ، فتوضأت وذهبت إلى المسجد باكراً ، فوجدت شيخنا يصلي صلاة السنة كعادته ، وبعدما فرغ قلت له : لعلك ياشيخنا تحدث جارنا اللبناني أبو العبد في الأمر ، فوالله إن هؤلاء القوم اللبنانيين لذوي فطنةٍ وذكاء ، ومراوغةٍ ودهاء ، واني أرى في جارنا المذكور التُقى والصلاح ، وامثاله قد فروّ بدينهم إلى ارض الحرمين وبلاد التوحيد بعد أن تكالبت عليهم القوى الاستعمارية من بعثيين وشيوعيين ، وعلمانيين وامبرياليين ، وشيعة ومسيحيين !! لعنة الله عليهم أجمعين .
وافقني الشيخ حفظه الله في ذلك فأقام الصلاة وأنهاها على عجل حيث قرأ سورة الكوثر في الركعة الأولى ، وسورة الإخلاص في الركعة الثانية ، ثم سلّم والتفت إليّ وقال : قم يارعاك الله نذهب إلى جارك اللبناني نحدثه في الأمر ، فخير البر عاجله ، وإذا عزمت فتوكل على الله.
طرقنا باب جارنا اللبناني أبو العبد ففتحت لنا زوجته السافرة وهي تضع منديلاً على رأسها ، وتلبس بيجاما قطنية حمراء كُنت قد رأيت مثلها تُباع في محلات لاسينزا في عزيز مول ، فرحبّت بنا وأدخلتنا ، ثم أيقظت زوجها الذي جاءنا مذعوراً خائفاً لعدم حضوره صلاة الفجر في المسجد .
هدّأ شيخنا من روعه وقال له : لاتثريب عليك ، سيغفر الله لك وستكون من أولياءهِ الصالحين ، وما عليك سوى الصحبة الطيبة مع الملتحين من المطاوعة الصحويين من أمثال الحاج ابوعمر بارك الله فيه ، فأمره بالوضوء والصلاة قضاءً لركعتي الفجر.
بدأ شيخنا الجليل بالحديث وشرح لجارنا اللبناني حاجته لمبلغ المال ، فقال له أبو العبد : انتم يامولانا أولياء الله وخاصته وعباده الصالحين الناصحين ، المصلحين لنا في الدنيا ، صدور المجالس وأعالي المنابر وبيوت المال من الصدقات والزكوات هي لكم ، تهبون منها من تشاءون وتحرمون منها من تشاءون ، ولكم في الآخرة الفردوس الأعلى مع الصديقين والشهداء والصالحين ، لايصاحبكم إنسان إلا فلح ونجح ، ولا يعاديكم إنسان إلا فشل وهلك .
بدأ شيخنا الجليل بالحديث وشرح لجارنا اللبناني حاجته لمبلغ المال ، فقال له أبو العبد : انتم يامولانا أولياء الله وخاصته وعباده الصالحين الناصحين ، المصلحين لنا في الدنيا ، صدور المجالس وأعالي المنابر وبيوت المال من الصدقات والزكوات هي لكم ، تهبون منها من تشاءون وتحرمون منها من تشاءون ، ولكم في الآخرة الفردوس الأعلى مع الصديقين والشهداء والصالحين ، لايصاحبكم إنسان إلا فلح ونجح ، ولا يعاديكم إنسان إلا فشل وهلك .
وتابع .. أبشر حفظكم الله بالحل وهو كالتالي :
اولاً : عليكم بالإكثار من الخطب والدروس الدينية التي تحث الناس على دفع الزكاة والصدقات ، وزيادة أعداد صناديق التبرعات في المسجد ، مما يسمح بزيادة نصيب فضيلتكم من هذه التبرعات كونكم أحد العاملين عليها.
ثانياً : لا يقف فضيلتكم عند بيع الماء والعسل المقري عليه فقط ، فهناك زيت الزيتون والسمن البلدي والمخللات والمعجنات والبهارات ، فالتنويع في المنتجات سوف يسمح بزيادة الدخل والإيرادات.
ثالثاً : يمكن لفضيلتكم القراءة بالجملة مقابل مبلغٍ مقطوع ، كأن تقرؤون على خزانات المياه للبيوت أو صهاريج المياه المتنقلة أو إقناع محلات السوبر ماركت بالقراءة على كل ماتحتويه مستودعاتهم ومحلاتهم من بضائع.
رابعاً : الرقية الشرعية بالجملة كأن يقوم فضيلتكم بجمع المصابين بالمس والجن أو المصابين بالسحر في مكان واحد وتقرؤون عليهم بمكبرات الصوت في مقابل مبالغ رمزية من كل واحد فيهم ، وقد ذكر بعض علمائنا في بلاد التوحيد بأن ذلك جائزٌ ، ومن الأمور المجربة وحصل الشفاء لكثير من المصابين.
خامساً : يمكن لفضيلتكم استغلال ساحات ومداخل المسجد بتأجيرها يومياً للمتسولين وبائعي المساويك ، وبسطات الخضار والفواكه.
أخيرا : تشجيع المسلمين وحثهم على الزواج والتعدد ، فضلاً عن ذكر محاسن زواج المسيار ، وذلك من خلال الدروس والخطب الدينية ، الأمر الذي سوف يسمح لفضيلتكم بزيادة دخلكم من العمولات المجزية.
خرجنا من دار جارنا اللبناني ، وشيخنا حفظه الله قد زال عنه الاكتئاب والحزن ، وأصبح في شأن ثانٍ من انشراح الصدر ، وصفاء السريرة ، ولم يمضي ثلاثة أشهر على تلك الزيارة حتى رأيت البرج بأم عيني قد شُيّد جداره وانتهى بناءه ، فحفظ الله شيخنا وبارك له فيما أُعطيّ ، فهو يستحق أكثر من ذلك .
كتبها الفقير الى ربه الحاج ابوعمر (حفظه الله) في يوم الاثنين الاول من شباط من السنة العاشرة بعد الالفين من ميلاد نبي الله عيسى المسيح عليه السلام
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق